الأحد، 27 نوفمبر 2011

قصة قصيرة – مُسيرون Written on 14th of July 2010


قلما  تأتى أفكارأً جديدة ذات قيمة، ولكنها عندما تأتى تطرد أفكاراً ما كانت أبداً عميقة.
قد حاولت كثيراً وصف لحظة مرت بى ولكن لم استطع، ففى العمر لحظات سعيدة تُوصف و لحظات أُخرى بالكاد توصف ولكن هناك لحظات وجدت لكى لا توصف… تلك هى لحظات الابداع ، وعندما يُعرض ناتج تلك اللحظة يستطيع القارىْ أو المستمع أن يتخيل ولو جزئياً ما كان يشعر به المبدع و هو ينتج ابداعه.
و إليكم لحظة ابداع جديدة:
لقد جاء Thomas A. Friskin   إلى مصر على متن باخرة كبيرة، ولا يمكن أن تُقارن برودة الاستقبال على شواطىء الأسكندرية بحرارة الوداع فى بلاده، نعم كان مشهد الوداع هناك فى ميناء ليفربول صعب أن يُمحى من ذاكرته و صورة جده المريض ذو الوجه الشاحب وهو يلوح بمنديله الأصفر المتسخ و يجول فى ذهن كليهما ذكريات الوداع الأخير ل Andrew والد  Thomas وهو ذاهب ليلقى مصيره المجهول أثناء الحرب العلمية الأولى.وبسرعة تحولت تلك النظرات الثاقبة و الذكريات المؤلمة إلى دموع تنهمر من أعينهما فكل منهم له مأساته، الجد يبكى على آمال دُفنت فى بلاد غريبة و الحفيد يبكى على مصير لطالما كان يلوح أمامه و ها هو يتحقق.ها هو الجد ودع الابن والآن يُودع الحفيد. ولكن ما لايعلمه الجد  مأساة  Thomas الحقيقية هو أن له ابن فى أحشاء  Camille محبوبته الذى لربما لن يراه ابداً و حزنه الأكبر هو أنه سيتركها وحيدة تواجه نتائج خطيئتهما. و قبل انطلاق السفينة مباشرتاً ظهرت Camille فى الأفق و هى ترقد و تتعثر من ردائها الطويل و الدموع تنهمر من عينيها. فلنتخيل أن هذه هى بداية الرحلة فما بالكم بالنهاية..
دخل Thomas  إلى الأسكندرية مع الكثير من زملائه وكان حالهم لا يختلف كثيراً عن حاله. لم تمر ساعات كثيرة حتى بدؤا فى تنفيذ المهمة القادمين لأجلها وهى تعزيز القوات البريطانية فى العلمين و إيصال الامدادات إلى هناك. و كان الدقائق تمر على Thomas و كأنها بضع ساعات، فعلى الرغم من أن بعض زملائه نجحوا فى تناسى احزانهم ولكنه لم يستطع فكان وجهه متشح دائما بابتسامة حزينة تظهر قليلاً من الحزن الذى يملأ قلبه. وعلى رغم من سحر الأسكندرية فلا ترى فى اعين هؤلاء الجنود أى اعجاب، فتلك المدينة يشعر بسحرها من جاء إليها مشتاقاُ ملهما و ليس من جاء مجبراً.
مرت به أيام كثيرة  فى معركة شرسة مع الجيش النازى فى العلمين و هو لا يكاد يعرف من فنون القتال شيئاً سوى الضغط على الزناد، فالواحد والعشرون ربيعاً الذى قضاهم فى انجلترا لا يكاد أن يكون تعلم فيهم شيئاً.
بالطبع جندى كهذا يصبح غنيمة سهلة سواء للأسر أو القتل.، و فعلاً أسر…
و فى النهاية كُتب ختام قصته على يد أحد القواد الأنجليز: “لقد قتل البطل Thomas A. Friskin   بعد أن تم تعذيبه على يد القوات الألمانية دو أن يفتح فاه بأعتراف واحد”.
ما أعجب أن يُقتل شخصاً فى أرض لايعرفها من أجل معلومات لم يكن ابداً يعرفها!!!!!
حقاً ما كان أمله أن يصير بطلاً!!!!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق